تتشابه آلاف العملات الرقمية اليوم من أنها وليدة فكرة شخص مثل ساتوشي ناكاموتو مؤسس البيتكوين، مؤسسة أو شركة ما مثل شركة فيسبوك التي أسست عملة ليبرا، ولكن لم نسمع قبل اليوم أن دولة مستقلة وسيادية تقوم بإنشاء عملتها الرقمية الخاصة حتى قامت الصين بإطلاق عملة اليوان الرقمي.
ففي الوقت الذي ينشغل العالم المالي والدول بإنعاش الاقتصاد المتضرر من كوفيد – 19 تفكر الصين في آلية تجريب والبدء باستخدام تجريبي لعملة الصين الرقمية، فهيا بنا نلقي نظرة قريبة عليها:
ما هي العملة المشفرة الجديدة في الصين؟ ولماذا أوجدتها؟
اليوان الرقمي هو عملة مشفرة يرمز لها بـ (DCEP) تعتمد على تقنيات البلوكتشين في ابتكارها وبنائها قام بانتاجها البنك المركزي الصيني مباشرة، بدأت الصين في شهر أبريل/ نيسان الماضي في تجربة هذه العملة والهدف من وراء إطلاقها هو:
- التوجه نحو الأتمتة، وأن تصبح الصين في نهاية المطاف دولة رقمية لا نقدية عبر تداول عملة الصين المشفرة الجديدة
- تطمح إلى الحد من سطوة الدولار العالمية ولأجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
- تسهيل التبادلات المالية في الصين وخارجها، ففي شهر مايو/ أيار 2020 قامت الجهات الرسمية باستعمال عملة الصين الجديدة لدفع كل نفقات سفر موظفيها.
- تعتبر حل صحي ومثالي في الدفع مع ميل الشعب الصيني بنسبة (96%) إلى الدفع الإلكتروني خوفاً من انتشار الأمراض عبر العملات الورقية.
- وقف نزيف الصين لمليارات الدولارات التي تخرج سنوياً منها بسبب مشتريات الصينيين للعملات المشفرة خاصة مع إخراج أكثر من 50 مليار دولار من الصين في سنة 2019 عبر تجارة العملات الرقمية.
- السعي وراء زيادة حصة الصين في السوق العالمية (التي تقع في المرتبة الثامنة عالمياً بنسبة 4.3%) وتجاوز الضغوط العالمية والامريكية على وجه الخصوص التي تسعى لعزلها دولياً عبر اعتماد اليوان الرقمي على حساب الدولار.
هل عملة الصين الرقمية مشفرة (مجهولة) فعلاً؟
الإجابة هنا هي نعم ولا في آن واحد؛ نعم حيث تتم التداولات والتبادلات خارج الشبكة مجهولة ومشفرة بشكل تام وعن التداول من طرف إلى آخر سيتم إخفاء الهوية بشكل تام، ولكن هي ليست مشفرة ومجهولة تماماً فكل المعاملات التي تحدث ستنتهي لدى سلطة مركزية وتحديداً في سجلات البنك المركزي.
هل يمكنني شراء اليوان الرقمي؟
منذ اللحظة التي أعلن فيها عن عملة الصين الجديدة والجميع مشغول فيها، حتى أن روسيا قد تحمست حتى تعلن بشكل رسمي مع بداية العام 2021 عملة الروبل الرقمية، ولكن حتى منتصف شهر سبتمبر / أيلول لا يتاح للمستثمرين تداوله، كونه ما زال في طور التجربة.
وعلى المدى القصير قد لا يتمكن المستثمرين من خارج الصين أن يتداولوا عملة الصين المشفرة الجديدة كون معاملاتها مركزية وتمر من البنك المركزي (وهذا يختلف عن طبيعة العملات الرقمية الشهيرة الإيثريوم كمثال) ، حيث ستكون هذه العملة البديل عن النقود التي تحملها وخاضعة لكل القيود التي يفرضها البنك على النقود وأيضاً ستتأثر بطريقة ما (حتى لو بشكل خفيف) في كل من العقوبات والقيود التي تفرض عليه.
هل الصين ذاهبة إلى العملة الرقمية؟
نعم الصين تسعى جاهدة إلى التعامل بالعملة الرقمية الخاصة بها، حتى أن الحكومة الصينية هي التي تتحرك في ترسيخ عملة الصين المشفرة الجديدة، ستمثل قيمة اليوان الورقي المتداول في السوق كونها تمثل حلاً لها في مواجهة الديون المتراكمة عليها بقيمة (341 مليار دولار).
وبتاريخ 25 أغسطس / آب دشن البنك المركزي الصيني عملة الصين الرقمية بقيمة (0,24 يوان) والذي سيتاح استعماله التجريبي فقط لسكان أربع مدن صينية فقط هي: مدينة شنجن، مدينة تشنغدو، مدينة سوجو وأخيراً مدينة شيونغآن الجديدة. ومن المتوقع أن تمتد الفترة التجريبية لهذه العملة الرقمية الجديدة حتى 2032. قبل أن يتم تعميمها على كل المدن الصينية.