لطالما أحاط بعالم الاستثمار في سوق الأسهم أفكار ساحرة، أهمها هو أن تختار استثمار معين لتجني منه ثروة تغير مستقبل عائلتك وحياتها لعقود وأجيال قادمة.
إنجاز حالم قد لا يكون بالصعوبة أو درجة المخاطرة الكبيرة، فربما قد شتري عدد معين من أسهم ما، وفجأة تتضاعف قيمة السهم عدة مرات في فترة قصيرة، فتملك منه ثروة لم تكن بالحسبان، أو ربما تستثمر الآن بشراء أسهم “كنوع من الادخار” في شركة ناشئة تتسم بكل مقومات النجاح ليتضاعف مع الزمن قيمة اسهمك مرات ومرات.
هذان الاسلوبان ليسا بضربة الحظ حتى وإن كان للحظ وجود لا ينكر، بل هما قائمان بشكل أساسي على نهج الاعمال المدروسة، فهنا لدينا استثمار مبني على مجموعة من الحسابات الرياضية.
كيف أقوم بالاستثمار في البورصة؟
لنقم بقفزة في الزمن ونعود الى منتصف ثمانينات القرن الماضي، لنفترض جدلاً أنى أملك مدخرات مالية ولتكن 5 ألاف دولار، وبدلاً من شراء سيارة بدلاً من سيارتي القديمة، لنتخيل أنى قمت بالاستثمار في إحدى الشركات الناشئة المسماة Microsoft بعد مرور قرابة الثلاثين عام ستكون أرباحي الافتراضية من مبلغ 5 ألاف هو 2,763,375 دولار، فيها أكثر من مليون ونص دولار قيمة أسهم الاستثمار في Microsoft والباقي هي الأرباح التي جنيتها خلال تلك السنوات الافتراضية.
إذا للإجابة عن كيفية الاستثمار في البورصة ستجد الإجابة المثالية عبر قيامك بأخذ الحسابات الرياضية والمنطق في الحسبان لتبعد عنك شبح الخسارة وخطورة الاستثمار في الأسهم.
فلو عدنا الى افتراضنا السابقة وقسمت الخمسة ألاف على خمسة استثمارات مختلفة لأضع ألف دولار في استثمار مختلف، وبحساب إحصائي يقيس لي مدى الربح أو الأزمات الممكنة التي قد تطرأ على استثماراتي هذه فيوجد احتمال كبير بأن تفلس أربعة استثمار في الأسبوع أو الشهر الذي يلي الاستثمار، وهذا امر لا يستبعد في عالم المضاربة في البورصة لتجد نفسك مع إمكانية ربح 15% في احسن الاحوال من هذه الألف الرابحة اي ستصل لمبلغ 275 الف دولار.
قد يهمك: أفضل الأسهم لشرائها والاحتفاظ بها إلى الأبد
فلنبتعد قليلاً عن هذا المثال الخيالي، ولنعد الى ارض الواقع وبالتفكير بالمنطق فأي عمل أو عقار تود الاستثمار به لا بد من ان تبحث عن استثمار خارق مضمون يضمن لك الثروة بنسب كبيرة، وضمن عالم الاستثمار في البورصة لتكسب ثروة من الأسهم لا بد من حساب رياضي لكل خطوة تقوم بها عبر الاستثمار في محفظة استثمارية.
ومنه حتى تصبح غنياً من الأسهم، وتبدأ بالاستثمار في البورصة بشكل طويل الأمد، فعليك أن تتجنب الدخول بالاستثمارات التي يحيط بها خطر الفشل الكامل، فيجب على استثمارك أن يتمكن من الصمود في سوق البورصة وتجاوز كل الفترات الصعبة من الركود قلة السيولة وحتى من فترات الكساد مع مضي السنين.
ما فائدة الاستثمار طويل الأجل في الأسهم؟
في عملية البحث عن كيف تصبح غنياً من الأسهم والاستثمار فيها تكرر مفهوم Long-Term Investing وما يحيط بهذا المفهوم من أراء تعزز فائدته، فقد اشارت بعض الدراسات الباحثة في كسب الأموال عبر الاستثمار في الأسهم والبورصة بأن الأشخاص الذين يستثمرون المشاريع او الشركات الناشئة ويعتمدون الاستثمار طويل الأجل في الأسهم لا يحتفظون باستثماراتهم واسهمهم لأكثر من عقدين من الزمن في أحسن الأحوال، فكمثال شركة Microsoft لم يتخطى الاستثمار طويل الأمد في الأسهم الفردية فيها أكثر من عشرين إلى خمس وعشرين سنة أي حتى تضاعفت أموالهم المستثمرة مرتين او ثلاثة مرات ثم يبيعون اسهمهم.
بالانطلاق من الدراسات بمجملها رسخت فائدة الاستثمار طويل الأمد في الأسهم، وربطته بشكل مباشر بالاستثمار في صناديق المؤشرات الامريكي والأضرار العديدة التي تؤثر على اداءك كمستثمر في سوق البورصة، فمع ان الأرباح وعائدات استثمار الصناديق لا تكون كبيرة بل ذات نمو معقول وخطورة ضئيلة، فإن قمت بالاستثمار عبر الصناديق لن تتابع عبرها أي الشركات تفلس او أي الشركات ترتفع قيمة أسهمها بشكل كبير بل ستحصل على سعر وربح بقيمة صافية للأصول، هذا الأمر تحديداً هو الذي يمنع تطور فهمك للسوق واختيار استراتيجيتك وأين تضع اموالك، لتصبح غنياً من سوق الأسهم.
الاستثمار طويل الاجل هو سر الثروة من البورصة
اجل هذا صحيح إن الاستثمار طويل الاجل هو سر ثروة مستثمري البورصة، ففي التدقيق بسلوك تلك الفئة من كبار مستثمري البورصة الذين قاموا ببناء الثروة من البورصة عبر الاستثمار في سوق الأسهم، نجد أن الأغلبية العظمة منهم لم يعتمدوا على صناديق الاستثمار بل اتبعوا سلوكها واعتمدوا على الاستثمار طويل الأجل في شراء الحصص والأسهم في العديد من الشركات، أي لتصيب الغنى لا بد من ان تكون مستثمراً تضع اموالك في الشركات وتفكر باستثمارات طويلة الاجل لا ان تكون تاجراً تبيع وتشتري في الأسهم.
قد يهمك: الثروة نتاج الاستثمار الجاد بعد التخطيط الجيد
هذا الفرق بين التاجر والمستثمر في سوق الأسهم والذي يظهر جلياً من سلوك أكبر اغنياء ومستثمري سوق البورية الامريكية وارن بافيت Warren Buffett والذي يخبر في الحديث عن تجربته بالاستثمار الممتدة لأكثر من خمسين ستة بانها خاضت أربعة انهيارات كبيرة في أسهم Berkshire Hathaway شركة هاثاواي التي انهارت قيمة أسهمها بأكثر من خمسين بالمئة من قيمتها، ولكن خلال نفس الفترة مع صعوبة المواقف والانهيارات ارتفعت قيمة السهم من 7دولار الى ما قيمة 222250 دولار للسهم الواحد، وتحدث عنه وارين ان خلال هذه الفترات المستثمرين الذين لم يتقنوا الحساب في اللعبة بشكل صحيح قد انسحبوا خوفاً للخسارة عند اول مطب وهذا فقط ضريبة عدم فهم لعبة الاستثمار.
ماذا لو خسرت أموالي بالاستثمار في الأسهم؟
طبعاً ستتوجه الي بالسؤال ماذا لو خسرت أموالي بالاستثمار في الأسهم، ولم أكن محظوظا في اختيار شركة قادرة على الاستمرار والنمو والربح، أو ان يعاكسني الحظ واخسر اموالي، عزيزي اختر إذاً الشركات الكبيرة لتستثمر فيها، توجه الى تلك الشركات متعددة النشاطات واستثمر بها فهي لن تخسر بالمجمل.
كيف أجد أفضل استثمار طويل الاجل؟
عليك فهم النقاط التالية لتحدد أين تبحث عن استثمار ناجح، فأيقن بأن الاستثمارات طويلة الأجل والتي تبشر بالازدهار والنمو الشبه أكيد لن تكون واضحة وجلية للجميع فعليك دراسة السوق والبحث جيداً، فأختر الأسهم التي تتمتع بخصائص تبقيها في السوق لفترة طويلة الأجل، وطبعاً عليك الالتزام عند الاستثمار طويل الاجل بالنقاط التالية:
- ركز على التكلفة دون المخاطرة الكبيرة أو التصرف بتسرع.
- أولي انتباهك للتضخم المالي والضرائب.
- تعلم جيداً متى تبيع سهمك الاستثماري.
- ثقف نفسك واجمع معلومات عن كل الشركات اعمالها ومصادر ربحها.
لنعود الى مثالنا القادم من ثمانينات القرن الماضي والاستثمار في مايكروسوفت وانني قررت بدلاً من الاستثمار فيها ان اشتري بنصفها 5000$ حصص في أفضل الشركات المعروفة حينها والتي كانت شركات عائلية ذات مصداقية وارباح عالية، وجازفت بالنصف الاخر واشتريت أسهم في شركات ناشئة (كوكا كولا، جونسون، كلوركس، هرشي، وطبعاً ماكدونالدز) ربما كنت في تلك اللحظة سأفكر بأني اكثر المستثمرين فشلاً كوني ضيعت نصف قيمة استثماري في هذه الحقيبة الاستثمارية الناشئة بالاعتماد على بعض الحسابات المستقبلية ولكن ما بين الثمانينات وعام 2019 ستجد مقدار الازدهار الرائع في اسهمي الخاسرة ومقدار النمو البطيء لأرباحي في الأسهم التقليدية.
لا بد من أن تأخذ الحسابات المستقبلية للشركات بعين الاعتبار عند القيام بالاستثمار الطويل الأجل ولو كانت خطوات متهورة ومجنونة احياناً، فقط اختر محفظتك الخاصة والمدروسة للاستثمار طويل الأمد، واترك الباقي للزمن في زيادة ارباحك ومضاعفتها.
فلسفة الاستثمار طويل الأمد
بالخلاصة وبعد كل الافتراضات السابقة، إن كنت تنوي أن تبني ثروتك مع الزمن وتقوم باستثمار طويل الأمد، فعليك ان تقوم باستثمارات بسيطة غير مبالغ فيها، بعد اتخاذ قرارات والقيام بدراسات قليلة ولكن منظمة.
قد لا تكون كل قراراتك جيدة بل ستخوض بعض التجارب السيئة، فقط أمنح نفسك فرصة الشفاء مع الزمن عبر انتقائك للأسهم والاستثمارات التي تخوض فيه، لأجل استثمار طويل الأمد ويحقق الثروة عليك التوجه للشركات المنتجة للسلع التي يحتاجها الافراد والتي لن تتغير ضرورتها مع الزمن، أي استثمر في الشركات التي تقدم منتجات حقيقية لا أوهام ووعود بالثروات الفورية والارباح الخيالية.
ولن أخفى عليك الخبرة في التداول والمقدرة على التنبؤ وسلوك السوق سيحدث في أسلوب استثمارك تحولات جوهرية يمنحك أرباح فورية، وهو ليس الأسلوب المناسب لتكسب ثروة من البورصة مستدامة وباقية مع مرور الزمن وتصبح غنياً من سوق الاسهم.