مثلما ارهب كورونا العالم وهز القطاعات الصحية، السياحية والصناعية ألقى بأثره وبشكل قوي على عالم الاستثمار، فهذا الوباء ينتشر بسرعة دون وجود أي بوادر على اكتشاف علاج. وقد ظهر تأثير كورونا في تعاملات افتتاح السوق في بداية شهر مارس عبر تراجع واضح في التعاملات المبكرة للأسهم الخليجية والمصرية، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط.
وسبقت هذه الحالة بتراجع للأسهم الامريكية والتي صنفها المراقبون بأسوأ حالة تراجع في تاريخ السوق، تراجع نشأ عندما تم اكتشاف أول حالة اصابة في الولايات المتحدة الامريكية حيث تم تخفيض سعر الفائدة بمقدار (50 نقطة) وهو أمر لم تعشه أمريكيا منذ سنة 2008 خلال الأزمة الاقتصادية حينها.
واليوم ينتشر في الأسواق المالية العالمية حالة من الذعر بسبب انتشار الفيروس وانتقاله من منطقة جغرافية إلى أخرى مع مخاوف واسعة من أن يلقي بتأثيره على النمو العالمي.
قد يهمك: افضل الاسهم لشرائها اليوم في ظل الكورونا
تأثير فيروس كورونا على البورصة العربية
مع انتقال (COVID-19) من مكان إلى أخر ووصوله إلى المنطقة العربية بدأت الأسواق بالتراجع ففي بداية شهر مارس وصلت خسائر البورصة السعودية بسبب كورونا قرابة (3.6%) بخسارة (275) نقطة مع بداية الأسبوع المالي وهو أمر متوقع مع ظهور إصابات في دول الخليج العربي.
أما عن سوق دبي للأوراق المالية فقط تخط الخسارة الاجمالية حوالي (4.5%) وخسارة مؤشر دبي (117) نقطة خلال أسبوع واحد مع الإعلان عن وجود إصابات بفايروس كورونا في الامارات وبدأ اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية.
في المنطقة العربية الافريقية يمكن اعتبار تأثير الفيروس على البورصة المصرية هو الأكبر بتراجع بنسبة (4.12%)، مع عدم إعلانها عن إصابات إلى أن قطاع السياحة تراجعت بشكل كبير
رد فعل أسواق النفط على تأثير فيروس كورونا
ما الذي حدث في سوق النفط؟
بدأ الأمر عندما أعلنت الصين عن وجود الفايروس فيها، والصين تمثل الدينامو الذي يحرك معظم الصناعات العالمية عن طريق صادراتها بالتالي تأثر وبشكل مباشر كل من قطاع النفط، الغاز المسال، بالإضافة إلى المنتجات والسلع الزراعية حتى سوق المعادن ناله اضطراب.
فمباشرة ومع بداية العام تراجع طلب الصين على النفط، الصين تعتبر أكبر مستورد نفط في العالم، توقفها عن الاستيراد سيؤدي إلى تراجع بمقدار (10%) من الطلب العالمي.
أما بالنسبة للنفط الخام الأمريكي فقط تراجعت أسعاره قرابة الخمسين دولار، حيث هبطت قيمة العقود الآجلة لخام برنت إلى قيمة (54.5) دولار لكل برميل، في حين تراجعت عقود خام غرب تكساس إلى قيمة قريبة من (50.3) دولار للبرميل.
تبع ذلك اعلان منظمة أوبك في بداية شهر مارس عن خفض انتاجها بمقدار (600) ألف برميل في اليوم، هذه الحركة سببت انخفاضاً في أسواق النفط والتي يتوقع لها أن تستمر في الانخفاض حتى يتم تنفيذ المزيد من الإجراءات.
هل تبالغ سوق النفط العالمي في تأثير فيروس كورونا عليها؟
بعيداً عن التقليل من خطورة فيروس COVID-19 وكونه بالفعل وباء ينتشر بسرعة ودون وجود لقاح أو عقار دوائي له، ولكن إلى الآن وتبعاً للإحصائيات فعدد الوفيات التي سببها الفيروس تجاوز الثلاثة آلاف (3100) وفاة وانتشر في 81 دولة حول العالم، ولكنها تبقى أقل من عدد الوفيات التي تسببها الانفلونزا العادية ففي سنة 2017 صدر عن منظمة الصحة أن عدد وفيات الأنفلونزا الموسمية حول العالم (650) ألف وفاة سنوياً، فهل كنت تعرف ذلك؟
الهدف من هذا العرض أن نسلط الضوء على البروباغندا الإعلامية التي تبالغ بعض الشيء في التخويف من هذا الفايروس نعم قد يتحول إلى وباء ولكن رد الفعل التي بدأت فيها الصين للسيطرة على الفيروس واتبعتها بعض المؤسسات حول العالم كانت غير مسبوقة ومدمرة للاقتصاد، فبداية مع فرض الحجر الصحي، إلغاء رحلات الطيران، اغلاق المصانع التي تزود بقطعها وموادها معظم شركات الصناعة العالمية، كل هذا يؤدي إلى تراجع أسعار النفط، ولكن إلى متى سيستمر هذا التراجع؟؟ وهل سينتعش السوق النفطي في سنة 2020؟ هذا يبقى السؤال الذي لا يمكن الإجابة عنه، ولكن ما هو مؤكد أن أي تغير في نبرة التكلم عن الفيروس وإيجاد حل له سيعيد التفاؤل للمتداولين وربما يؤثر على السوق.
معلومة سريعة: خلال شهر فبراير لوحده كانت خسائر التصدير العالمي (50) مليار دولار، والذي يساوي انخفاض إنتاجية بمقدار (2%) عن الإنتاج السنوي.
هل الذهب هو الاستثمار الآمن في زمن فايروس كورونا؟
صدر مؤخراً عن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس قوله “الاستثمار بالذهب سيبقى الوعاء الأفضل في هذه الظروف” فهل هذا صحيح؟
خلال تاريخ الذهب اثبت أنه أفضل مكان تضع فيه أموالك وتحافظ عليها أو تربح منها حتى جاء فيروس كورونا، المراقب للسوق يجد أنه مع انتشار الفيروس عالمياً وضع سوق الذهب تحت ضغوطات اقتصادية عالية سببت تراجعه في بداية تعاملات شهر مارس، ويرى خبراء السوق أن تراجع الذهب قد يستمر لبضعة أيام او أسابيع قليلة ولكنه سيتعافى بشكل تام ويرتفع.
وهو ما أثبتته التداولات الأخيرة حيث خلال الأسبوع الأول من مارس ارتفعت قيمة عقود الذهب الآجلة الامريكية بنسبة (0.4%) ليصل الذهب اليوم إلى قيمة (1600$).
ما هو سبب تراجع سوق الذهب?
يخبرنا موقع كابيتال الفرنسي أن تراجع أسعار الذهب تعود بالأساس إلى بعض العوامل التي تنتج عن إجراءات أسواق الذهب العالمية (وآخرها ما تم من زيادات طلبات إيداع المستثمرين لمزيد من الأموال نتيجة لتخفيض قيمتها، وبيع أصول موجودة مسبقا) وغيرها من الأمور التي يحتاج إلى إتمامها مبالغ كبيرة تسبب تراجع في قيمة الذهب وترغم العديد من المستثمرين على تقليص محافظهم.
سلوك الذهب المتوقع خلال الفترة القادمة
يقوم الذهب اليوم باستنساخ المسار الذي سلكه خلال الازمة المالية سنة 2008، حيث ونتيجة للضغوط المالية العالمية التي وضعت عليه تراجع الذهب في بداية التبادلات لفترة قصيرة بنسبة (18%) ليتابع طريقه بشكل تصاعدي ويرتفع في بعد ثلاثة أشهر فقط من بداية الازمة ويرتفع بمقدار (30%)، مع أن المتوقع له هذا العام أن يكون صعوده أقل قليلاً.
توقعات المعدن الأصفر في زمن كورونا
خلال الفترة الماضية قال رئيس البنك المركزي الأمريكي ان البنك سيعمل تبعاً لما تفتضيه الحاجة” ويتبعه في ذلك اثنان من أكبر البنوك الأمريكية التي تقوم اليوم بمراجعة أهدافها فيما يتعلق بالذهب، وتتحدث توقعات بنك غولدمان ساكس أنه وخلال الأشهر الثلاثة القادمة ستصل سعر أوقية الذهب إلى (1800$)، بينما يقدم بنك سيتي الأمريكي توقعات تقول بأن سعر الذهب سيرتفع ليصل عتبة الألفي دولار لكل أوقية ذهبية على مدى العام ونصف العام القادمين.
معلومة سريعة: من المتوقع اليوم أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة (2.4%) فقط هذه السنة وهو يمثل أدنى مستوى نمو يتوقع للعالم من سنة 2009.
ما هي توقعات السوق المالية بظل وجود فيروس كورونا؟
لنقم بقفزة الى الماضي ونعود إلى 2002 وبداية 2003، عندما تعامل العالم مع وباء السارس، بدأ الأمر بشكل مشابه لحالة العالم اليوم وفيات تسير نحو التزايد، وتنذر بمزيد من الحجر الصحي والاقتصادي بنفس الوقت. وما يمكننا أن نصح به أن يتمتع المستثمرون بإدراك ووعي إلى أن العزلة الاقتصادية التي ستنشئ قد تقود الاقتصاد العالمي إلى حالة الركود.
وبالنسبة لنا فنعتبر اسرار الحفاظ على التوازن الاستثماري هو البقاء على اطلاع مستمر على حالة السوق، مراقبة سوق الفوركس والذهب كما وينصح مراجعة الحالة الاقتصادية التي عصفت بالعالم في حالات انتشار الأوبئة أو الحروب والأزمات المالية فكل شيء في هذا العالم يسير بوتيرة مألوفة ودورة تعيد نفسها.